صفحه نخست / تالیفات / فقهی / منهاج الفلاح

أحكام التقليد


[1] تتوجّه على كلّ إنسان عاقل وبالغ تجاه ربّه وخالقه تبارك وتعالى مسؤوليات، والبالغ هو الذي يحصل له نحو من النمو الجسمي والنفسي، وبما أنّ درجة النمو هذه تتفاوت من شخص لآخر وضع الشارع الأقدس لمعرفتها علامات، وهي: 1 - خروج المني. 2 - إنبات الشعر على العانة. 3 - إتمام الخامسة عشر قمرية في الذكور، والتاسعة قمرية في الإناث، فإنّ تحقّق إحدى هذه العلائم كان الشخص بالغاً.

[2] لا يجوز التقليد في اُصول الدين، بل لابدّ لكلّ إنسان من كون اعتقاده عن دليل -كلّ حسب قابليّته الفكرية- فلا يصحّ الاعتقاد التقليدي. نعم يكفي الإيمان اليقيني ولو حصل عن قول الغير ويكفي ذلك في الحكم بإسلامه، لكن يجب في فروع الدين والأحكام إمّا أن يكون مجتهداً في تحصيلها من أدلّتها التفصيلية، أو مقلّداً فيها لمجتهد، أو محتاطاً في العمل على نحو يحصل له اليقين بأداء التكليف -وطريق الاحتياط في الأحكام الشرعية هو الجمع بين فتاوى المجتهدين، فلو قال بعضهم بحرمة فعل وأفتى آخرون بعدمها كان عليه أن لا يأتي بالفعل، أو قال بعضهم بوجوب فعل وقال آخرون باستحبابه كان عليه الإتيان به، وهكذا- فكلّ من لا يكون مجتهداً ولا يمكنه الاحتياط يجب عليه أن يكون مقلّداً فيها لمجتهد.

[3] التقليد في الأحكام الشرعية هو العمل على طبق فتوى المجتهد الذي لابدّ أن يكون عالماً بجميع أو أغلب مسائل الشرع المقدّس عن طريق استنباطها من أدلّتها الفقهية التفصيلية، ومجرّد كونه عالماً ببعض مسائل الفقه المرتبطة بباب واحد أو عدّة أبواب من الفقه لا يكفي، ويكون التقليد لمثله باطلاً وإن كان أكثر إحاطة بمدارك تلك المسائل الخاصّة وتطبيقاتها من غيره.
ويشترط في المجتهد أن يكون رجلاً، بالغاً، عاقلاً، إمامياً، طاهر المولد، حيّاً، عادلاً. والعدالة عبارة عن الملكة الباعثة على الطاعة وترك المعصية بامتثال الواجب وترك الحرام، وتثبت عدالة مرجع التقليد بالمعاشرة المباشرة له أو معاشريه. وأيضاً لابدّ للمجتهد أن يكون أعلم بأن يكون أقدر وأكثر إحاطة من غيره على استنباط الأحكام.

[4] طرق معرفة المجتهد والأعلم: الأوّل: العلم الوجداني الذي يحصل للإنسان، وذلك بأن يكون بنفسه من ذوي الخبرة في معرفة المجتهد والأعلم. الثاني: شهادة عدلين من أهل الخبرة بشرط عدم تعارض شهادتهما بشهادة عادلين آخرين على الخلاف. الثالث: شهادة جماعة من أهل العلم والنظر ممّن لهم معرفة بذلك، بحيث يحصل من قولهم الاطمئنان.

[5] لو أشكل على المكلّف معرفة الأعلم لزمه تقليد من يظنّ بأعمليّته على الأحوط، ولو تساوى جماعة في الأعلمية تخيّر في الرجوع إلى أحدهم، نعم لو كان أحدهم أورع من غيره تعيّن الرجوع إليه على الأحوط.

[6] طرق تحصيل فتوى المجتهد: الأوّل: السماع من المجتهد نفسه. الثاني: السماع من عدلين. الثالث: السماع ممّن يحصل بقوله الاطمئنان والوثوق. الرابع: الرجوع إلى رسالة المجتهد فيما إذا اطمئن بصحّتها.

[7] يجوز للمكلّف العمل بفتوى مجتهده المذكورة في رسالته ما لم يتيقّن تبدّل رأيه فيها، إلّا أن تدلّ القرائن على تغيير فتواه فيلزم حينئذٍ الفحص والتحقيق.

[8] لو أفتى المجتهد بحكم في مسألة لم يجز لمن يقلّده العدول في تلك المسألة إلى مجتهد آخر، نعم لو لم يكن للمجتهد فتوى في تلك المسألة بل احتاط فيها، كما لو قال: والأحوط أن يأتي بالتسبيحات الأربعة -سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر- ثلاث مرّات في الركعتين الثالثة والرابعة، يكون المقلّد حينئذٍ مخيّراً بين العمل بهذا الاحتياط الوجوبي وبين الرجوع إلى مجتهد آخر مع رعاية الأعلم فالأعلم، أي الرجوع إلى من يكون بعد ذلك المجتهد أعلم من غيره، فإن أفتى بكفاية التسبيحات مرّة واحدة جاز للمقلّد الأخذ بفتواه. وكذا يجوز العدول عن المجتهد الأعلم لو قال: وفيه تأمّل، أو المسألة محلّ إشكال، مع رعاية الأعلم فالأعلم، نعم يجب الاحتياط فيما إذا حصل للمقلّد اليقين بأنّ الأعلم يعلم وجه فتوى فالأعلم ويعتقد عدم تمامية الوجه المذكور.

[9] لو احتاط الأعلم في مسألة بعد أن تقدّمت منه الفتوى فيها، كما لو قال: يطهر الإناء النجس بغسله في الماء الكرّ مرّة واحدة، وإن كان الأحوط غسله ثلاث مرّات، جاز حينئذٍ لمن يقلّده العمل بفتواه والاكتفاء بالمرّة الواحدة، وكان الاحتياط استحبابياً.

[10] لا يجوز تقليد المجتهد الميّت ابتداءً بل ولا استدامة إلّا فيما عمل المقلّد برأي مقلّده في حياته ولم يعدل عنه في تلك المسألة فيجوز له البقاء على تقليده حينئذٍ، وإن كان الأحوط العمل بفتوى الحيّ.

[11] لو عمل المقلّد في مسألة بفتوى مجتهده فمات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحيّ وعمل بفتواه لم يجز له الرجوع إلى فتوى الميّت ثانياً، بل لو لم يكن للحيّ فتوى في مسألة بل احتاط فيها وعمل المقلّد بذلك الاحتياط لم يجز له الرجوع إلى فتوى الميّت في ذلك ثانياً.

[12] يجب على المكلّف تعلّم المسائل التي تكون محل ابتلاءه غالباً.

[13] لو جهل المكلّف فتوى الأعلم في مسألة من المسائل ولم يمكنه الفحص ومعرفة الحكم جاز له العمل بفتوى غير الأعلم، ولو ظهر بعد ذلك مخالفة فتوى غير الأعلم لفتوى الأعلم أعاد، ولو علم طريق الاحتياط وعمل به بدواً كان أوْلى.

[14] لو تبدّل رأي المجتهد لم يلزم الناقل لفتواه السابقة إعلام من سمع منه ذلك، نعم لو التفت إلى خطأه في النقل لزمه إعلام السامع مع قدر الإمكان، ولو كان نقله للفتوى لجماعة عن طريق الكتابة أو الخطابة كان عليه رفع الخطأ بالإعلام المكرّر ليحصل العلم برفع الخطأ عنهم جميعاً.

[15] لا يصحّ عمل العامي بلا تقليد إلّا إذا طابق الواقع، فإن كان المأتي به عبادياً جاء به بقصد القربة، وتحصل المطابقة للواقع إمّا بالعلم بها فيما بعد أو بالرجوع إلى فتوى من يجب عليه الرجوع إليه فعلاً.

[16] لا يجوز العدول من المجتهد الجامع لشرائط الفتوى إلى مجتهد آخر إلّا أن يكون الثاني أعلم، أو علم أنّه إمّا يكون أعلم أو مساوياً للأوّل، فلو عدل وجب عليه الرجوع إلى فتوى الأوّل.

[17] إذا تبدّل رأي المجتهد لزم على المقلّد العمل طبق فتواه الجديدة، ويصحّ ما أتى به أوّلاً، وكذلك لا تجب الإعادة فيما لو عدل من مجتهد لآخر وكان عدوله هذا طبق الموازين.

[18] لو شكّ المقلّد في صحّة تقليده السابق بنى على صحّته وكان عليه الفحص والتحقيق لما يأتي.

[19] لو تساوى مجتهدان من جميع الجهات جاز للمقلّد التبعيض في تقليده والعمل بفتوى أحدهما في بعض المسائل وبفتوى الآخر في البعض الآخر، وجاز له اختيار الفتاوى التي تكون أقلّ مشقّة عليه.

[20] يحرم الافتاء على من يفقد قدرة الاستنباط للأحكام، فإنّ الافتاء ليس بالأمر السهل خصوصاً بعد هذه القرون المتمادية -أي من عصر التشريع إلى يومنا الحاضر-.





فرم دریافت نظرات

جهت استفتاء با شماره تلفن 02537740913 یک ساعت به ظهر یا مغرب به افق تهران تماس حاصل فرمایید.

istifta atsign ayat-gerami.ir |  info atsign ayat-gerami.ir | ارتباط با ما